افتتح رسميا أول مسجد في اقصى شمال كندا بصلاة جماعية حضرها جمع من المسؤولين والصحافيين كما اعلن عضو اللجنة الاسلامية المحلية لمدينة اينوفيك الصغيرة محمد عبد الله.
و أفادت وكالة أنباء فارس أن هذا المسجد الصغير اشتهر قبل افتتاحه بسبب رحلته التي قطع خلالها اربعة آلاف كلم فوق سيارة شحن عملاقة ثم سفينة من مدينة مانيتوبا حيث تم بناؤه.
و قال حسين قستي من مؤسسة زبيدة طالب التي مولت بناء المسجد في اتصال هاتفي من اينوفيك " نعيش هذه اللحظة بتاثر عميق وفرحة واحساس بالرضى لاداء الواجب".
و حضر هذه الصلاة الاولى التي تقام في المسجد رئيس بلدية المدينة ديني روجرز والعديد من وزراء مقاطعة اراضي الشمال الغربي ومن الصحافيين, وبينهم عرب, الى جانب 80 مسلما يعيشون في مدينة اينوفيك التي تضم نحو 3500 نسمة.
و كان مسلمو هذه المدينة يصلون منذ سنوات في كارافان قديم.
و من المقرر ان يستخدم هذا المسجد كمركز اجتماعي ايضا.
و نصبت قرب المسجد خيمة كبيرة قدمت فيها للمدعويين الحلويات والشاي والقهوة.
و يزيد طول مئذنة المسجد التي بنيت في المكان عن تسعة امتار.
و في الايام الاخيرة الماضية قطع متطوعون مسلمون من اقاليم كندية اخرى مئات الكليومترات واحيانا الاف الكيلومترات للمشاركة في الاشغال النهائية لاقامة المسجد.
وكان هذا الشاب العراقي قد بني المسجد المذكور وساهم شخصيا بالتصميم وبالعمل اليدوي مع العمال والفنيين بمنطقة نائية في كندا.
و يقيم في بلدة إينوفيك، بين 75 إلى 80 مسلم، جميعهم تقريباً عرب جاؤوها من كندا التي يحملون جنسيتها.
و لأنهم كانوا بلا مكان يقيمون فيه الصلاة، سوى بيت متنقل من الخشب عرضه 3 وطوله 7 أمتار، وبالكاد أصبح يسع نصفهم تقريباً، فقد نسجوا حلماً ببناء مسجد لهم بإينوفيك البالغ عدد سكانها 3700 نسمة فقط.
و بعد ذلك تحول الحلم ببناء المسجد إلى كابوس مالي يؤرق قلة من المسلمين وجدت نفسها غير قادرة على جمع ثمن الأرض وتكاليف البناء والتجهيزات وتوابعها المتنوعة، وكله يلزمه 750 ألف دولار على أقل تعديل، إضافة إلى أن الخبرة ببناء وتجهيز المساجد وكيف يجب أن تكون غير متوفرة فيها لأحد.
و ذكر الدكتور حسين قستي أن بناء "مسجد نهاية العالم" بدأ في نيسان الماضي، وساهم هو شخصياً بالتصميم وبالعمل اليدوي مع العمال والفنيين.
و قال هذا العراقي المسلم " حين انتهى البناء اتفقوا مع سائق كندي خبير بمنطقة السفر البري إلى إينوفيك واسمه كفن أندرسون، فجاء ومعه شاحنة عملاقة عرضها أكثر من 7 أمتار مزودة بفريق من العمال والفنيين وضعوا كامل هيكل المسجد البالغة مساحته 457 متراً مربعاً وبداخله لوازمه من منبر وثريات وأبواب وسجاد، برافعات ضخمة على ظهرها ".
و بدأ أندرسون رحلته في أوائل آب الماضي موغلاً بالسير البري نحو الشمال وسط ظروف مناخية هي دائماً صعبة بالفعل هناك، فمر بمدينة إدمنتون بمقاطعة ألبرتا، ومن بعدها أمعن في السير البطيء طوال شهر كامل لم يقطع خلاله سوى 2900 كيلومتر فقط، أي المسافة بين السعودية والمغرب تقريباً.
و مع العبّارة تبحر دعوات من ينتظرون المسجد في إينوفيك بأن تنتهي رحلة النقل النادرة بسلام بعد 10 أيام وتصل إلى هدفها الموعود ليتم تثبيت المسجد على إحدى قطعتي أرض اشتراهما مسلمو البلدة في حي سكني بمبلغ 97 ألف دولار كندي، حيث سيدعون السكان لحفل تدشينه كأول جامع في الجزء الجنوبي الغربي من المحيط المتجمد الشمالي.
و الخطر عليهم كبير جداً لأن أي مشكلة تعترض العبّارة قد تكون مؤذية، لأن "ماكينزي" يتحول إلى يابسة من الجليد خلال شتاء طويل يعصف بدءاً من أواخر أكتوبر (تشرين الأول) بكل المنطقة المعروفة هناك باسم الشمال الكندي الكبير.
و تواجد في مقدمة المساهمين بالجهد والتعب الكثير كان المهندس العراقي من البصرة، أحمد الخلف، المولود في الكويت قبل 37 عاماً، والمقيم منذ 9 سنوات بإينوفيك التي احتفلت في تموز 2008 بمرور 50 سنة على تأسيسها.
و بسرعة طوى صدى المشكلة المسافات ووصل إلى طبيب وصحافي سعودي يقيم في كندا أيضاً، ولكن بعيداً عن إينوفيك أكثر من 4 آلاف كيلومتر، ويشرف على مؤسسة خيرية إسلامية أسسها مع زوجته هناك تحت شعار يريح المؤمنين، وهو "السنة والصحابة والسلف الصالح" الظاهر بوضوح في موقع "جمعية زبيدة تلاب الخيرية" لمن يرغب بزيارته على الإنترنت، وهو بالانجليزية فقط.
و بسرعة شمّر الصحافي الدكتور حسين سعود قستي، المولود منذ 43 سنة في حي جرول في مكة المكرمة، عن ساعديه وقرر أن يحقق لمسلمي البلدة الجليدية حلمهم الدافئ بمسجد يبنيه لهم بنصف مليون دولار، أي أقل بمئتي ألف من تكاليفه بإينوفيك، وساعده عليه من بعيد بالجهد والتبرعات بعض المقيمين في البلدة من العرب، كما ساهم آخرون في كندا بالتبرع، ومنهم سيدة سعودية تحفّظ على ذكر اسمها بناءً على طلبها، وساهمت وحدها بأكثر من 190 ألف دولار.