كان الرسول صلى الله عليه وسلم دائم التبسم ، وكان أحسن الناس خلقاً ، وأطيبهم نفساً.. وقد أوصانا بذلك حيث قال : ( تبسمك في وجه أخيك صدقة ). وعن جابر بن سمرة رضى الله عنه فيما رواه الإمام مسلم يصف الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( رأيت أطلق الناس وجها ، وأحسنهم بٍِشراً ) .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم بشراً يضحك وقت الضحك ويتعجب مما يتعجب من مثله ، قال تعالى : "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي " ( الكهف : 110) .
والفرق الذي بينه وبين البشر أنه أوحى إليه وحمل الرسالة .. ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم جافاً غليظاً ، ولا عابس الوجه ، بل كان صلى الله عليه وسلم إنساناً مثالياً في صفاته وأفعاله ، والمتأمل في الروايات التي جاءت في صفة ضحكه صلى الله عليه وسلم يجد أن غالب ضحكه كان التبسم . وفي بعض الأحوال ربما ضحك حتى تبدو نواجذه (أي أضراسه).. وعند استعراض حياته صلى الله عليه وسلم نجد في بعض جوانبها روح الدعابة والمزاح . وكان في مزاحه لا يقول إلا الصدق والحق ، وهو القائل: ( إني لأمزح ولا أقول إلا حقا)ً .
مزاحه مع عجوز من الأنصار
أتت عجوز إليه صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة ، فقال لها : يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز – فولت المرأة تبكى – فقال رسول الله: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز ، إن الله قال : { إنا أنشأناهن إنشاء* فجعلناهن أبكاراً * عربا أتراباً } ( الواقعة : 35-37 ) رواه الترمذي .
ضحكه من امرأة رفاعة عندما أرادت الرجوع إليه
قالت عائشة – رضى الله عنها - : ( جاءت امرأة رفاعة القرظى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن زوجي طلقني فبت في طلاقي وإني تزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير ، وما معه إلا مثل هدبة الثوب – تقصد أنه فقير – فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة ، لا ، حتى يذوق عسيلتك ، وتذوقي عسيلته ) وفى رواية مسلم : ( فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكاً ) .
سويبط يبيع نعيمان الحر
من الحوادث الطريفه التى أضحكت النبي صلى الله عليه وسلم ما فعله سويبط بن حرملة بنعيمان عندما كانا مع أبى بكر في تجارة إلى بصرى ، وتروى لنا هذه الواقعة أم سلمة رضى الله عنها فتقول : ( خرج أبو بكر في تجارة إلى بصرى قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بعام ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة – وكانا قد شهدا بدرا – وكان نعيمان على الزاد ، وكان سويبط رجلا مزاحا فقال لنعيمان : أطعمني ! قال : حتي يجئ أبو بكر ، قال : فلأغيظنك . قال : فمروا بقوم فقال لهم سويبط : تشترون منى عبدا ؟ قالوا : نعم . قال : إنه عبد له كلام ، وهو قائل لكم : إنى حر ، فإن كنتم – إذا قال لكم هذه المقالة – تركتموه فلا تفسدوا على عبدى ، قالوا : لا ، بل نشتريه منك ، فاشتروه بعشر قلائص – جمع قلوص ، وهى : الناقة الشابة القوية - ، ثم أتوه – أى نعيمان – فوضعوا فى عنقه حبلا ، فقال نعيمان : إنه هذا يستهزئ بكم ، وإني حر لست بعبد ، فقالوا : قد أخبرنا خبرك ، فانطلقوا به ، فجاء أبو بكر فأخبروه بذلك ، فاتبع القوم ورد عليهم القلائص ، وأخذ نعيمان ، قال : فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وأهله من حوله ) حديث حسن.
ضحكة صلى الله عليه وسلم مما فعله عمار
فعن عمار بن ياسر – رضى الله عنهما – قال : أتذكر يا أمير المؤمنين – يقصد عمر رضى الله عنه – حيث كنت بمكان كذا ونحن نرعى الإبل فتعلم أنّا أجنبنا ؟ - أي أصابتهم جنابة – أما أنا فتمرغت في التراب ، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فضحك فقال : ( إن كان الصعيد – أي التراب الطاهر – لكافيك ، وضرب بكفيه على الأرض ثم نفخ فيهما ثم مسح وجهه وبعض ذراعيه ) صحيح سنن النسائى .
رافع مولى رسول الله مع امرأته
قد يظن بعض الناس بمن يأمرهم بالخير أنه شر ، فعن عائشة رضى الله عنها قالت : ( أتت سلمة امرأة أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأذنه على أبي رافع قد ضربها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى رافع : مالك ولها يا أبا رافع ؟ قال : تؤذيني يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أذيته يا سلمى ؟ قالت : يا رسول الله ما آذيته بشيء ولكنه (أحدث) وهو يصلى ، فقلت له : يا أبا رافع إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر المسلمين إذا أخرج من أحدهم الريح أن يتوضأ فقام فضربني، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك ويقول : "يا أبا رافع إنها لم تأمرك إلا بخير" ) رواه مسلم .
مع عائشة رضى الله عنها
عن عائشة ( رضى الله عنها ) أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، وهى جارية – صغيرة السن – فقال لأصحابه : (تقدموا ، ثم قال : تعالى أسابقك ، فسابقته ، فسبقته على رجلي . فما كان بعد ، خرجت معه في سفر ، فقال لأصحابه تقدموا ، ثم قال: تعالى أسابقك ، ونسيت الذي كان ، وقد حملت اللحم ، فقلت : كيف أسابقك يا رسول الله ، وأنا على هذه الحال ؟ فقال : لتفعلن ، فسابقته فسبقني ، فقال : هذه بتلك السبقة). حديث صحيح أخرجه أبو داود .