أخي المعلم أختي المعلمة :
اعلموا بارك الله فيكم أن المعلم الناجح في تدريسه هو الذي يدخل إلى قلوب طلابه بدون استئذان ؛ ففهم الطالب للمادة يعتمد اعتماداً كبيراً على شخصية المعلم ، فإنْ كان محبوباًً من طلابه .. قريباً منهم .. كأنّه أبٌ لهم أو أخٌ كبير . قبلوا منه وأخذوا عنه وتقبّلوا كل ما يقوله وفهموا ما يقول ـ وذلك إذا كان متمكناً في مادته ـ بل سيتضايقون لفراقه إلى درس آخر ، وسيكونون في انتظاره إذا غاب عنهم ، أمّا إذا لم يُحسِن معاملتهم ، ولم يعرف الطريق إلى قلوبهم ، نفروا منه وكرهوا مادته ـ مع أنها بريئة من هذا كله ـ وقد لا تكون على مستوى كبير من الصعوبة ، ولكنّ المحور الأساسي في ذلك كله هو المعلم ، فهو الذي يُحسِن توجيه طلابه غليه ، ويصرفهم عنه .
وثمة بعض الوسائل لكسب المعلم قلوب طلابه منها :
1 ـ التمكن من المادة العلمية للدرس ، وتوثيق المعلومات لدى المعلم . فالمادة المهزوزة غير المتكاملة لا تفيد المتعلم بل تزيده شكاً فيما لديه من معلومات ، وتبلبل أفكاره ، والتحضير الجيد للدرس يزيد الطلاب حباً لمعلمهم لأنه يعطيهم ما ليس عندهم فيُعجبون بذلك ويقدّرون جهوده ولا يتعارض هذا مع ما يجده المعلم من أخطاء لا يسلم منها بشر ، بل عليه أن يعترف بالخطأ ويصححه ويعتذر عن وروده بشرط أن لا يَكْثُر ، ويكون ميزةً له .
2 ـ عرض الدرس بأسلوب شائق محُبّب للنفس ، وإحسان المدخل للدرس ، مع تنوع تلك الأساليب بين فترة وأخرى ، بحيث لا تُعرف من قِبَل الطلاب وتُمَل ، فهم في كل يوم يرتقبون طريقة أو مفاجأة معينة .
3 ـ احترام الطلاب ومعاملتهم معاملة حسنة ؛ على أنهم رجال يعتمد عليهم لا أنهم صغار لا يعون شيئاً ، وأنك أعلم منهم ، وذلك من خلال الأمور التالية :
أ ) احترام آرائهم في أي مسألة ـ إذا علِمتَ صدق الطالب وجديته ـ وتشجيع ما يأتي به من حلول لمسائل علمية يقدمها ، ولو كان هذا الرأي مرجوحاً أو شبه خاطئ فيكون الجواب مثلاً : محاولة جيدة ، بارك الله فيك ، أو أنا أوافقك الرأي على هذه النقطة وتلك ، أو ولكني أخالفك الرأي في تلك النقطة بسبب كذا وكذا ، فما رأيك ؟
وهذه الطريقة تزرع في نفسه الشعور بالإيجابية وتدفعه إلى المزيد من الآراء البنّاءة ، وتجعله يراجع معلومته التي أبداها دون إحساس بالفشل .
ب ) إن تكون الأوامر غير مباشرة .. كما كان يفعل معلم البشرية محمد صلى الله عليه وسلم حيث كان يقول :
(( لينتهين أ قومٌ عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين )) .
ففي الخطاب غير المباشر سمة رفيعة من سمات الأدب الراقي ، فبدلاً من أن تقول للطالب : أجب ، تقول : تفضل بالإجابة ، وبدلاً من أن تقول اجلس ، تقول : تفضل بالجلوس ، وعلى هذا فَقِس .
4 ـ التواضع ولين الجانب ؛ فلا يشعر الطالب بالفوقية ، وأنك أعلى منه في كل شيء ، بل دعه يحسّ بالأخوّة تجاهك ، وأنه يتعلم منك ، ويأخذ عنك ماهو مفيد ، ويبقى بينك وبين الطالب حدود من رفع الكلفة لا يتجاوزها الطالب .
5 ـ عند التعامل مع أي مشكلة تخص الطالب في سلوكه مع المعلم أو مع طالب آخر ، يكون بهدوء الأعصاب وتجنب الانفعال الشديد ، وأن لا يستجيب المعلم للاستفزاز ، فالمعلم الهادئ المتصف بالرزانة ، الذي من الصعب أن يُثار ؛ يكبر في عيون طلابه ، وينظرون إليه بعين الإجلال والإكبار ، أما الذي يغضب لأتفه الأسباب ويفقد أعصابه في أي موقف فسيستمر على هذا المسلسل حتى ما يبقى فيه عرق ينبض لأن الطلاب لا يقفون عند حد ، وربما أثر ذلك على صحته الجسمية من ارتفاع الضغط وغيرها من الأعراض النفسية ، التي ربما تتحول فيما بعد على أمراض نفسية وعقد لا أول لها ولا آخر.