الأهرام
المصروف اليومي أول درس في الاقتصاد
مي زكريا نيل
تظن بعض الأمهات أن تزويد الطفل بكل ما يحتاجه في المدرسة من أغذية ومشروبات وربما الحلوي يغني عن اعطائه المصروف, في حين أن المصروف ضرورة لنمو شخصية الطفل واشباع حاجاته المادية والاجتماعية,
ذلك ما تؤكده الدكتورة تهاني عثمان منيب أستاذ الصحة النفسية بجامعة حلوان, موضحة أن المصروف يمكن أن يمنح للطفل ابتداء من السادسة أي مع بداية التحاقه بالمدرسة عندما يتيح له نموه العقلي ادراك قيمة النقود ومعني انفاقها. ويساعد منح الطفل المصروف لينفقه في مقصف المدرسة علي استقراره النفسي فيشعر بأنه مثل اقرانه من حيث القدرة المادية.
وقد يرتاح الغالبية من الآباء إلي منح الطفل مصروفه يوميا بينما أثبتت الأبحاث التربوية أن منحه له أسبوعيا يجعله أكثر كفاءة في إدارة ما يمتلك من نقود حيث يدرك لأول مرة أن له ميزانية يجب ألا يتعداها.
ويحتاج الأبناء في السن الكبيرة إلي زيادة المصروف فعندما يبلغ الطفل عمر الثانية عشرة تنحصر اهتماماته تقريبا في الذهاب إلي النادي والانفاق علي احتياجاته فيه فيمنح ما يخص احتياجاته. وبنمو الأبناء ووصولهم إلي مرحلة المراهقة يفضل منحهم المصروف شهريا حيث تتعدد أوجه انفاقهم ما بين الانفاق علي تناول الغداء في مطاعم الوجبات السريعة أو الذهاب لمشاهدة الأفلام في السينما أو شراء سيديهات للكمبيوتر وغير ذلك من الاهتمامات التي يتطلع لها المراهقون.
ولكن مع منح الأبناء هذه الحرية والاستقلالية والمسئولية يجب ألا يغفل الآباء عن مراقبة الأبناء وترشيدهم في تدبير شئونهم المادية حتي لا ينحرفوا عن المسار الصحيح في الانفاق ويتم ذلك بالتفاهم معهم كل حسب المرحلة السنية التي يمر بها فيوجه الأطفال إلي الانفاق فيما يفيدهم كشراء الأغذية المغلفة من مقصف المدرسة أو الادخار لشراء لعبة يرغبون في اقتنائها كذلك يوجه الابناء في مرحلة المراهقة إلي ضرورة وضع خطط طويلة الأمد ووضع أولويات للصرف حتي يتمكنوا من تحقيق أهدافهم كشراء لعبة الكترونية( بلاي ستيشن) مثلا أو آلة موسيقية يرغبون في اقتنائها كالجيتار أو الأورج, ولا بأس من مساعدتهم في شراء ما يتوقون إليه بزيادة مصروفهم نظير تكليفهم ببعض المهام العائلية أو مقابل نجاحهم في الادخار من مصروفهم, ولتشجيع الابناء علي الادخار يمكن فتح حساب لهم في البنك أو شراء دفتر توفير يضعون فيه ما يدخرونه من مال. كذلك حثهم علي تخصيص جزء ولو كان يسيرا من المصروف لأعمال الخير مثل كفالة اليتيم أو بنك الطعام ليدرك الطفل منذ الصغر معني البذل والعطاء والتكافل الاجتماعي.
ومن الفوائد الشخصية التي ينالها الآباء من تحديد مصروف شامل للأبناء التخلص من الحاح الابناء ونزيف الصرف المرهق لمادياتهم والمثير للتوتر عند رغبتهم في الشراء.
وأخيرا تؤيد الدكتورة تهاني ضرورة اعطاء المصروف للابناء لانه يساهم في نمو الطفل عقليا ويوسع مداركه ويقربه من واقع الحياة.